حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: دليلك لفهم القوانين والتشريعات الداعمة
مقدمة
إن المعرفة هي أولى خطوات القوة. لكل إنسان
مختلف بذات القوة الحق في حياة كريمة ومشاركة كاملة. هذا الدليل يفتح لك نافذة
على عالم القوانين والتشريعات التي تدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة،
ليس فقط كواجبات على الدولة، بل كحقوق أصيلة تمكنهم من تحقيق ذواتهم والمساهمة
بفعالية في مجتمعاتهم. انضم إلينا في رحلة استكشاف هذه الحقوق.
![]() |
حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دليلك لفهم القوانين والتشريعات الداعمة |
أ/ الأساس القانوني لحقوقك: نظرة على المواثيق الدولية والتشريعات المصرية
تمثل المواثيق الدولية والتشريعات
الوطنية حجر الزاوية في ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتأتي في مقدمة
هذه المواثيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)، التي اعتمدتها الأمم المتحدة، والتي
تؤكد بشكل لا لبس فيه على مبادئ المساواة وعدم التمييز. تقر الدول الأطراف
في هذه الاتفاقية بأن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون وبمقتضاه، ولهم الحق دون
أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون. وانضمام
مصر إلى هذه الاتفاقية الهامة في عام 2008 كان بمثابة إعلان التزام واضح تجاه مواطنيها
من ذوي الإعاقة.
هذا الالتزام الدولي لم يظل حبراً على
ورق، بل تُرجم إلى خطوات عملية على الصعيد الوطني. فعلى المستوى المحلي، يُعد
إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر
بمثابة نقلة نوعية وتطور تشريعي هام. هذا القانون، الذي جاء متسقًا مع مبادئ
وأهداف
اتفاقية الأمم المتحدة ، لم يقتصر على الاعتراف بالحقوق
فحسب، بل وضع إطارًا شاملاً لحمايتها وتعزيزها، ويهدف بشكل أساسي إلى دمج الأشخاص
ذوي الإعاقة في شتى مناحي الحياة المجتمعية. يغطي القانون جوانب متعددة تمس الحياة
اليومية لهذه الفئة، بما في ذلك الحقوق الصحية، والتعليمية، وفرص العمل، والمشاركة
السياسية والثقافية، وغيرها.
إن هذا التوجه، من الاعتراف بالمعايير الدولية إلى سن تشريعات وطنية مفصلة، يعكس تطورًا في فهم الدولة لمسؤولياتها. فالدولة، بموجب هذه التشريعات، تلتزم باتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين. هذا التحول من النظرة التقليدية التي كانت ترى الإعاقة كمسألة طبية أو خيرية بحتة، إلى اعتبارها قضية حقوقية بالدرجة الأولى، يفرض على الدولة واجبات إيجابية تتجاوز مجرد تقديم المساعدة، لتشمل إزالة الحواجز وتوفير البيئة الداعمة التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الفعالة والكاملة في المجتمع.
ب/ حقوقك الأساسية في الحياة اليومية: الصحة، التعليم، والكرامة
الصحة والتعليم حق اصيل لذوى الاعاقة .
وقد أولت التشريعات اهتماماً خاصاً لهذه الجوانب.
1. الحق في الصحة والتأهيل الشامل:
تكفل الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة
الحق في الحصول على خدمات التأمين الصحي الشامل، وهو ما نص عليه القانون
صراحة. لا يقتصر هذا الحق على العلاج الطبي فحسب، بل يمتد ليشمل منظومة متكاملة من
الخدمات الصحية والتأهيلية. تشمل هذه الخدمات تقديم برامج التأهيل الطبي في مختلف
مراكز الرعاية الصحية، وتوفير خدمات الصحة العامة، وبرامج التأهيل النفسي التي
تساعد على التكيف والاندماج. كما تتضمن خدمات الصحة الإنجابية وفحوص ما قبل
الزواج، وكل ذلك بموجب
بطاقة الخدمات المتكاملة.
تُعد بطاقة الخدمات المتكاملة
وثيقة رسمية محورية، فهي بمثابة إثبات معتمد للإعاقة ونوعها ودرجتها، وتعتبر ملزمة
أمام جميع الجهات سواء كانت حكومية أو غير حكومية. إن أهمية هذه البطاقة تتجاوز
كونها مجرد وثيقة إثبات، فهي المفتاح الذي يتيح لحاملها الوصول إلى طيف واسع من
الخدمات والمزايا التي كفلها القانون. من بين هذه المزايا الحصول على الخدمات
الصحية المتنوعة ، والإعفاءات الجمركية والضريبية على بعض الأدوات والسيارات
المجهزة وفقاً لشروط محددة ، بالإضافة إلى تخفيضات على وسائل النقل والمواصلات.
ونظراً لأهميتها، فإن كفاءة إجراءات استخراجها وسرعة الحصول عليها تُعتبر عاملاً
حاسماً في تمكين الأفراد من الاستفادة الفعلية من حقوقهم. وتشمل إجراءات الحصول
على
بطاقة الخدمات المتكاملة التسجيل الإلكتروني عبر المنصات
المخصصة لذلك، مثل موقع وزارة التضامن الاجتماعي أو بوابة المجالس الطبية المتخصصة
، ثم حجز موعد لإجراء الكشف الطبي اللازم، وتقديم المستندات المطلوبة.
إلى جانب ذلك، تلتزم الدولة بالمساهمة
في توفير الأجهزة التعويضية والأدوات المساعدة التي تساهم في تحسين نوعية
حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز استقلاليتهم. كما توجد وحدات ومؤسسات
متخصصة تقدم خدمات التأهيل الشامل، والتدريب المهني، وتعمل على معاونة الأشخاص ذوي
الإعاقة في إيجاد فرص عمل مناسبة لقدراتهم ومؤهلاتهم. ويتم قبول الأفراد في هذه
المؤسسات بناءً على شروط معينة وبعد إجراء فحص طبي وتقييم شامل للحالة.
2. الحق في تعليم دامج وعالي الجودة:
ويشمل ذلك دمج الطلاب ذوي الإعاقات
البسيطة، مثل الإعاقة الذهنية البسيطة، وحالات بطء التعلم، واضطراب طيف التوحد،
ومتلازمة داون، والإعاقات الحركية، في مدارس التعليم العام والفني ، مما يعزز من
فرصهم التعليمية وتفاعلهم الاجتماعي.
إن تحقيق التعليم الدامج لا
يقتصر على مجرد إلحاق الطلاب ذوي الإعاقة بالمدارس العادية، بل يتطلب توفير منظومة
متكاملة من التسهيلات التعليمية والدعم. وتشمل هذه التسهيلات:
- التهيئة
المكانية
للمدارس والمؤسسات التعليمية: ويقصد بها جعل البيئة المادية للمدرسة ملائمة
وميسرة، من خلال تركيب مصاعد وسلالم كهربائية، وإنشاء منحدرات مناسبة للكراسي
المتحركة، وتوسيع الأبواب والممرات، وتجهيز دورات مياه مناسبة لاحتياجاتهم
الخاصة.
- تبسيط
إجراءات القبول والتسجيل، وتقديم المساعدة اللازمة للطلاب أثناء عملية
الالتحاق بالمدرسة.
- توفير
الدعم الأكاديمي المناسب داخل الفصول الدراسية، كالسماح بالاستعانة بمساعدين
شخصيين (مثل الكاتبين أو القارئين للمكفوفين وضعاف البصر)، والسماح بتسجيل
المحاضرات والدروس، ومنح وقت إضافي كافٍ أثناء تأدية الاختبارات.
- توفير
معلمين مدربين ومؤهلين بشكل جيد للتعامل مع الطلاب ذوي الإعاقة، وتزويدهم
بالمهارات التربوية والأساليب التعليمية الحديثة التي تلبي احتياجاتهم
المتنوعة.
- توفير
الكتب والمناهج الدراسية بطرق ميسرة ومناسبة لمختلف أنواع الإعاقات، مثل
توفير الكتب المطبوعة بطريقة برايل للطلاب المكفوفين.
وفيما يتعلق بالتعليم الجامعي، يتم قبول الطلاب ذوي الإعاقة إما عن طريق مكتب التنسيق المركزي للقبول بالجامعات، أو بشكل مباشر من خلال الجامعات نفسها، وذلك بعد إجراء تقييم طبي شامل للحالة من قبل اللجان الطبية المختصة بالجامعات. وقد شهد هذا المجال تطوراً إيجابياً تمثل في موافقة المجلس الأعلى للجامعات على قبول الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية ، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام هذه الفئة.
إن نجاح التعليم الدامج يعتمد على نهج شامل يتجاوز مجرد الإتاحة المادية، ليشمل تطوير المناهج وطرق التدريس، وتدريب الكوادر التعليمية، والأهم من ذلك، تعزيز ثقافة القبول والتنوع داخل البيئة .
ج/ نحو التمكين الاقتصادي والمشاركة المجتمعية الفعالة
قد تضمنت التشريعات والقوانين العديد
من الأحكام التي تهدف إلى تحقيق هذه الغاية.
1. الحق في العمل اللائق وتكافؤ الفرص:
تكفل الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة
الحق في العمل، وتلتزم بتوفير فرص عمل متكافئة وعادلة لهم. لا يقتصر هذا الحق على
مجرد الحصول على وظيفة، بل يمتد ليشمل ضمان ظروف عمل لائقة، بما في ذلك تقاضي أجر
متساوٍ لقاء القيام بعمل متساوي القيمة مع الآخرين، وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية،
والحماية من كافة أشكال التحرش أو التمييز في مكان العمل.
ويعزز قانون العمل المصري هذه
الحقوق، حيث تتضمن التشريعات العمالية، بما في ذلك التوجهات الحديثة مثل ما أشير
إليه بخصوص قانون العمل الجديد لعام 2025 ، أحكامًا خاصة تهدف إلى حماية حقوق
العمال من ذوي الإعاقة. تشمل هذه الأحكام ضمانات لتوفير بيئة عمل مناسبة تتناسب مع
احتياجاتهم، وتقديم التسهيلات اللازمة في عمليات التوظيف والتدريب لتعزيز فرص
اندماجهم في سوق العمل.
ولضمان عدم التمييز في مراحل التوظيف
الأولية، يُحظر على صاحب العمل أن يوجه أسئلة للمتقدم للوظيفة تتعلق بإعاقته خلال
مرحلة تقديم الطلب أو المقابلة الشخصية. الاستثناء الوحيد هو إذا كانت هذه الأسئلة
مرتبطة بشكل مباشر بقدرة الفرد على أداء المهام الأساسية للوظيفة، مع أو بدون
توفير ترتيبات تيسيرية معقولة. كما أقر القانون تخفيض ساعات العمل اليومية بواقع
ساعة واحدة مدفوعة الأجر للعاملين من ذوي الإعاقة، أو لمن يقوم فعليًا برعاية شخص
ذي إعاقة من أقاربه حتى الدرجة الثانية.
ومن أبرز الآليات التي تهدف إلى تعزيز
فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة هو إلزام القانون للجهات الحكومية وغير
الحكومية وجميع شركات قطاع الأعمال وأصحاب الأعمال ممن يستخدمون عددًا معينًا من
العمال، بتخصيص نسبة الـ 5% للتوظيف من مجموع العاملين لديهم للأشخاص
ذوي الإعاقة. إن فعالية هذا النظام لا تكمن فقط في تحديد النسبة، بل في
التطبيق العملي الذي يضمن أن تكون هذه الوظائف حقيقية ومناسبة، وأن يتم توفير
"الترتيبات التيسيرية المعقولة" التي تمكن الموظف من أداء عمله بكفاءة.
هذه الترتيبات قد تشمل تعديلات في مكان العمل، أو توفير معدات مساعدة، أو مرونة في
ساعات العمل. وبدون هذه الترتيبات، قد تتحول نسبة التوظيف إلى مجرد إجراء شكلي لا
يحقق الهدف المرجو منه في الدمج الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الشخص ذو
الإعاقة أو من يرعاه بإعفاء ضريبي شخصي إضافي.
2. الحق في الحماية الاجتماعية والعيش المستقل:
إلى جانب الحق في العمل، تلتزم الدولة
بتوفير شبكة من الحماية الاجتماعية تضمن للأشخاص ذوي الإعاقة مستوى معيشيًا
لائقًا. ويشمل ذلك توفير الدعم النقدي والمساعدات الاجتماعية من خلال برامج مخصصة،
مثل برنامج "تكافل وكرامة"، الذي أفادت التقارير بأن نسبة كبيرة من
المستفيدين منه هم من الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم.
وفي مجال السكن، تم تخصيص نسبة 5% من
وحدات الإسكان الاجتماعي التي تنفذها الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة ،
مما يساهم في توفير مأوى مناسب لهم. كما تكفل التشريعات الحق في
حرية الشخص وأمنه، وتنص على عدم جواز حرمان أي شخص من
حريته بشكل غير قانوني أو تعسفي، وتؤكد على أن وجود الإعاقة في حد ذاته لا يمكن أن
يكون مبررًا بأي حال من الأحوال لأي حرمان من الحرية.
ويشمل الحق في العيش بكرامة أيضًا
الحق في احترام الخصوصية، حيث لا يجوز تعريض أي شخص ذي إعاقة لتدخل تعسفي
أو غير قانوني في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته. كما تعترف القوانين
بحق الأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم في سن الزواج في التزوج وتأسيس أسرة بناءً على
الرضا التام والحر لكلا الطرفين، وكذلك حقهم في اتخاذ قرار حر ومسؤول بشأن عدد
الأطفال الذين يرغبون في إنجابهم.
3. الحق في بيئة ميسرة ومشاركة كاملة:
تُعد الإتاحة والوصول الميسر (Accessibility) شرطًا أساسيًا لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة
الكاملة والفعالة في المجتمع. وتلتزم الدولة بتهيئة البيئة المادية المحيطة لتكون
ميسرة وشاملة للجميع، ويشمل ذلك المباني العامة والخاصة، والطرق والأرصفة، ووسائل
النقل والمواصلات، وكذلك المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا.
ولتسهيل التنقل، يتم تطبيق تخفيض
بنسبة 50% على تذاكر وسائل النقل والمواصلات العامة للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة لتيسير
المشاركة في الحياة السياسية والعامة، بما في ذلك تيسير إجراءات الترشح
والتصويت في الانتخابات والاستفتاءات. وتمتد هذه الحقوق لتشمل
المشاركة في الحياة الثقافية والترفيهية والرياضية، من خلال تهيئة الأماكن السياحية والمرافق الثقافية والرياضية، وتدريب العاملين في هذه القطاعات على لغة الإشارة وأساليب التعامل المناسبة، ودعم وتشجيع رياضات الأشخاص ذوي الإعاقة. كما يتم دعم استخدام وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة لتمكينهم من الوصول إلى المعلومات والتعبير عن آرائهم بحرية.
د / تحديات تواجه التنفيذ وقصص نجاح تضيء الطريق
على الرغم من الإطار القانوني المتقدم
والجهود المبذولة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا تزال هناك تحديات
كبيرة تواجه التنفيذ الفعلي لهذه الحقوق على أرض الواقع. وفي المقابل، تبرز قصص
نجاح ملهمة تبعث على الأمل وتؤكد على القدرات الكامنة.
1. تحديات قائمة رغم التشريعات:
- الوعي
المجتمعي والثقافي:
يُعد ضعف الوعي المجتمعي وتفشي بعض الصور النمطية السلبية أو النظرة
القائمة على الشفقة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة من أبرز التحديات. هذه
النظرة المتحيزة يمكن أن تشكل عائقًا كبيرًا أمام دمجهم الحقيقي في المجتمع.
فالتمييز والوصمة الاجتماعية التي قد يتعرضون لها تؤدي إلى تقليص فرصهم في
التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.
- فجوة
بين النص القانوني والتطبيق العملي: كثيرًا ما يُشار إلى وجود فجوة بين النصوص القانونية
الطموحة وبين واقع تطبيقها.
- تحديات التوظيف: على الرغم من النصوص القانونية التي تكفل الحق في العمل ونسبة الـ 5%، لا تزال معدلات البطالة بين الأشخاص ذوي الإعاقة مرتفعة بشكل مقلق. تشير بعض التقارير إلى أن نسبة كبيرة ممن هم في سن العمل وقادرون عليه لا يجدون فرص عمل مناسبة ، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع معدلات البطالة العامة في المجتمع. هذا التباين الصادم لا يعكس فقط صعوبات فردية، بل يشير إلى فشل نظامي يتطلب معالجة جذرية.
- صعوبات
في الوصول إلى الخدمات:
قد يواجه بعض الأفراد صعوبات بيروقراطية أو تأخيرات في الحصول على بطاقة
الخدمات المتكاملة، التي تُعد مفتاحًا للعديد من الخدمات، أو في الحصول
على الأجهزة التعويضية اللازمة.
- الإتاحة الفعلية: لا يزال عدم التزام جميع المباني والمرافق، وخاصة القديمة منها، بمعايير الكود الهندسي للإتاحة يمثل تحديًا كبيرًا. هذا النقص في الإتاحة المادية يحد بشكل مباشر من حرية الحركة والمشاركة للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف جوانب الحياة اليومية. إن عدم القدرة على الوصول المادي إلى المدارس وأماكن العمل والمستشفيات والمرافق العامة يجعل العديد من الحقوق الأخرى حبرًا على ورق.
2. دور المجتمع والمبادرات الإيجابية:
إن مواجهة هذه التحديات تتطلب تضافر
جهود كافة الأطراف. يلعب الوعي المجتمعي دورًا محوريًا، حيث تساهم حملات
التوعية في تغيير الصور النمطية السلبية وتعزيز فهم أعمق لقضايا الإعاقة وحقوق
أصحابها. ومن الضروري تشجيع المشاركة الفعالة
للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف مجالات الحياة، ونبذ كافة
أشكال السلوكيات السلبية أو التمييزية تجاههم.
تلعب منظمات المجتمع المدني والجمعيات
الأهلية دورًا حيويًا في تقديم الدعم المباشر، والمناصرة، والمساهمة في سد الفجوات
في تقديم الخدمات. كما تبرز مبادرات مجتمعية إيجابية تهدف إلى تعزيز الدمج
والتكافل الاجتماعي، مثل مبادرة "أحسن صاحب" وحملة "هنوصلك" ،
والتي تعمل على تقديم الدعم العملي والمعنوي وتشجيع العمل التطوعي في هذا المجال.
3. قصص نجاح ملهمة:
على الرغم من كافة التحديات، يزخر
مجتمعنا بالعديد من قصص النجاح الملهمة لأشخاص ذوي إعاقة تمكنوا من
تحويل التحديات إلى فرص، وأثبتوا أن الإرادة القوية والموهبة لا تعرفان حدودًا
من بين هذه النماذج المضيئة،
الموسيقار الراحل عمار الشريعي، الذي رغم كف بصره، أصبح أحد أبرز أعمدة
الموسيقى في مصر والعالم العربي. وكذلك عميد الأدب العربي الدكتور
طه حسين، الذي قهر الظلام بنور علمه وفكره، وأثرى المكتبة العربية بروائع خالدة.
الإعاقة ليست عائقًا أمام الإبداع
والتميز والمساهمة الفعالة في بناء المجتمع. إنها رسالة قوية للأفراد أنفسهم وللمجتمع بأسره.
4. نظرة مستقبلية نحو مجتمع دامج للجميع:
إن بناء مجتمع دامج وشامل للجميع هو
مسؤولية جماعية تقع على عاتق الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد على
حد سواء. يتطلب الأمر مواصلة الجهود لتعزيز الدمج التعليمي الحقيقي، وتوسيع
نطاق برامج الحماية الاجتماعية لتشمل كافة المستحقين، وتطوير برامج تدريب مهني
وتأهيل تتناسب مع احتياجات سوق العمل وتطلعات الأشخاص ذوي الإعاقة. كما أن
الاستثمار في التكنولوجيا المساعدة وتطبيقاتها المختلفة يمكن أن يفتح آفاقًا واسعة
لتعزيز استقلاليتهم ومشاركتهم.
هـ/الخاتمة :
معرفتك بحقوقك هي درعك وقوتك. القوانين
والتشريعات موجودة لتمكينك. شاركنا بتعليقك أو سؤالك. صوتك يساهم في بناء
مستقبل أكثر عدلاً وإنصافًا للجميع.