الوصول الشامل: بناء مجتمعات دامجة ومستقبل متمكّن للأشخاص ذوي الإعاقة

الوصول الشامل: بناء مجتمعات دامجة ومستقبل متمكّن للأشخاص ذوي الإعاقة

إنسان مختلف...بذات قوة:

أ/ الضرورة الإنسانية: الكرامة والاستقلالية والاندماج:

إن جوهر الحديث عن إتاحة المرافق العامة يتجاوز المواصفات الفنية والهندسية ليصل إلى عمق التجربة الإنسانية. إنها قضية أخلاقية واجتماعية بالدرجة الأولى، متجذرة في القيم الإنسانية العالمية ومُعززة بالمبادئ الراسخة التي تؤكد على كرامة الفرد وحقه في المشاركة الكاملة في الحياة.

الوصول الشامل: بناء مجتمعات دامجة ومستقبل متمكّن للأشخاص ذوي الإعاقة

حق أساسي وليس امتيازًا: حجر الزاوية في الكرامة الإنسانية:

يجب تأطير الوصول الميسر باعتباره حقًا إنسانيًا غير قابل للتفاوض، فهو ضروري لتحقيق الذات والاستقلالية والمشاركة الفعالة في جميع جوانب الحياة.

 إن هذا الحق ليس منحة أو رفاهية، بل هو الأساس الذي تُبنى عليه قيمة الفرد وكرامته. ففي حين تنص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) على أن الدول الأطراف ملزمة باتخاذ التدابير المناسبة لضمان وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات ، نجد أن الشريعة الإسلامية قد سبقت في ترسيخ هذا المبدأ من خلال تكريمها المطلق للإنسان، انطلاقًا من قوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ".  

النسيج الاجتماعي للاندماج (الدمج المجتمعي):

تُعد البنية التحتية الميسرة التجسيد المادي لمجتمع دامج. فالقضية تتجاوز كرامة الفرد لتصل إلى صحة المجتمع ككل، حيث تُقاس قوة أي مجتمع بمدى قدرته على احتواء ورعاية جميع أفراده.

كما يُعرَّف الدمج المجتمعي بأنه التكامل الاجتماعي والتعليمي الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة مع أقرانهم في كافة مناحي الحياة، وهو ما يتطلب أكثر من مجرد التواجد المادي في نفس المكان، بل يستلزم مشاركة اجتماعية وأكاديمية فاعلة.  

ب/  البنية الاقتصادية والقانونية للوصول الشامل:

هو استثمار ذو عائد مرتفع، بالإضافة إلى استعراض الالتزامات القانونية التي تفرض على الحكومات والقطاع الخاص اتخاذ الإجراءات اللازمة.

المبررات الاقتصادية للوصول الشامل: عائد على الاستثمار:

إن تفكيك الأسطورة القائلة بأن إتاحة المرافق "عبء" مالي وإعادة صياغتها كفرصة اقتصادية هو أمر بالغ الأهمية. فالبيانات والأرقام تقدم حجة دامغة لصناع السياسات وقادة الأعمال.

التأثير الاقتصادي الكلي: تشير الدراسات إلى أن إقصاء الأشخاص ذوي الإعاقة من سوق العمل يمكن أن يكلف الدول ما يصل إلى 7% من ناتجها المحلي الإجمالي. وعلى العكس من ذلك، فإن سد فجوة التوظيف يمكن أن يضيف مليارات الدولارات إلى الاقتصاد.  

اقرأ ايضا : العدسة والمجتمع: كيف يصوغ الإعلام الصورة الذهنية عن الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي؟

العائد على الاستثمار (ROI): تظهر الأبحاث أن العائد المالي لمشاريع إتاحة المرافق يتجاوز تكلفتها بكثير. فقد وجدت دراسة بريطانية حول تهيئة محطات النقل أن نسبة الفائدة إلى التكلفة بلغت حوالي 2.5 إلى 1.

كما تشير دراسات أخرى إلى أن كل دولار يتم استثماره في التقنيات المساعدة وأماكن العمل الدامجة يمكن أن يولد تسعة دولارات من المكاسب الاقتصادية.  

التفويضات والأطر التنظيمية: من المواثيق العالمية إلى القوانين الوطنية:

تستند ضرورة إتاحة المرافق إلى أساس قانوني متين، بدءًا من المعايير الدولية وصولًا إلى التشريعات الوطنية التفصيلية.

على المستوى الدولي: تمثل اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) المعيار العالمي الذي يحدد التزامات الدول بضمان بيئة ميسرة للجميع.  

على المستوى الوطني (مع التركيز على المملكة العربية السعودية): تقدم المملكة العربية السعودية نموذجًا إقليميًا رائدًا في تطوير إطار قانوني وتنظيمي شامل. ويشمل هذا الإطار:

  • نظام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: وهو القانون الأساسي الذي يهدف إلى حماية وتعزيز حقوقهم وضمان حصولهم على جميع الخدمات أسوة بغيرهم.  
  • اللائحة التنفيذية للنظام: وهي وثيقة تفصيلية تغطي كافة الجوانب العملية، من كود البناء ومتطلبات النقل، إلى التوظيف والرعاية الصحية والوصول إلى الخدمات القضائية.  
  • مبادرات متخصصة: مثل شهادة "مواءمة" التي تهدف إلى خلق بيئات عمل آمنة ومساندة لذوي الإعاقة.  

ج/  مبادئ وممارسات التصميم الدامج:

فلسفة التصميم الشامل:

يمثل التصميم الشامل (Universal Design) نقلة نوعية في التفكير. فهو لا يتعلق بإضافة ميزات خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة كحل ثانوي (مثل بناء منحدر منفصل بجانب الدرج)، بل يركز على ابتكار حلول واحدة تناسب الجميع منذ البداية. لتقريب المفهوم، يمكن استخدام أمثلة عملية:

  • مقابض الأبواب ذات العتلة: هي أسهل في الاستخدام للجميع مقارنة بالمقابض الدائرية، خاصة لمن يعانون من ضعف في قبضة اليد مثل المصابين بالتهاب المفاصل.
  • اللافتات الواضحة والرموز البصرية: تساعد السياح الأجانب الذين لا يتقنون اللغة المحلية بقدر ما تساعد الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الإدراك.  

مدن المستقبل: دراسات حالة عالمية في إتاحة المرافق:

سنغافورة: إستراتيجية وطنية متكاملة تُعد سنغافورة المثال الأبرز على تبني نهج إستراتيجي شامل بقيادة الحكومة.

  • السياسة والحوكمة: أدمجت سنغافورة التصميم الشامل في كود البناء الوطني منذ عام 2006، مدفوعة برؤية استشرافية لتحديات شيخوخة السكان. وتقود هيئة البناء والتشييد (BCA) جهدًا مشتركًا بين مختلف الوكالات الحكومية لتحقيق هذا الهدف.  
  • المبادرات والأدوات: تم إطلاق "الخطة الرئيسية لإمكانية الوصول" (Accessibility Master Plan) ، و"مخطط شهادة علامة التصميم الشامل" (Universal Design Mark Certification Scheme) ، و"مؤشر التصميم الشامل" (UDi) المفصل كأدوات للتنفيذ والتقييم والمراقبة.  
  • النتائج الملموسة: أصبحت جميع المباني الحكومية تقريبًا و90% من المباني في شارع "أورتشارد" الشهير خالية من العوائق. كما يتم تحديث الإسكان العام ووسائل النقل والأماكن العامة بشكل منهجي لتلبية معايير التصميم الشامل.  

د/  دليل إستراتيجي لإنشاء المحتوى الرقمي:

تخيل عالماً حيث الأبواب الموصدة ليست مجرد خشب أو زجاج، بل هي حواجز غير مرئية تفصل بين إنسان وطموحه. بين طفل ومدرسته، وبين مواطن ومجتمعه.

هذا ليس خيالاً، بل هو الواقع اليومي لملايين الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن ماذا لو كانت كل خطوة في مدننا مصممة لتقول "أنت مرحب بك"؟ ماذا لو كانت القوة الكامنة في كل فرد تجد طريقها للمشاركة الكاملة؟ هنا تبدأ قصة مجتمع لا يستبعد أحداً.

العنوان الفرعي الأول: حق أساسي وليس رفاهية: لماذا تعتبر المرافق الميسرة حجر الزاوية في مجتمع عادل؟ يركز هذا القسم على جانب الكرامة والحقوق الإنسانية المستمد من الجزء الأول من التقرير.

 سيتم الربط بين المواثيق الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة والمبادئ الإسلامية التي تؤكد على "الكرامة" الإنسانية، مما يقدم حجة قوية ومتعددة الأبعاد.

من العزلة إلى الاندماج: كيف تفتح الأبواب الميسرة فرصاً للحياة والعمل؟ يناقش هذا القسم التأثير الاجتماعي والنفسي لإتاحة المرافق. سيتم شرح حلقة الإقصاء المفرغة (عدم الوصول يؤدي إلى حرمان من التعليم، مما يؤدي إلى بطالة). سيتم استخدام إحصائيات حول العزلة الاجتماعية وفوائد الدمج المجتمعي لتعزيز الحجة.

 التصميم الشامل للجميع: رؤية مستقبلية تتجاوز مجرد إزالة العوائق. يقدم هذا القسم مفهوم التصميم الشامل بطريقة مبسطة.

 سيتم استخدام أمثلة سهلة الفهم مثل الحافلات منخفضة الأرضية أو مقابض الأبواب ذات العتلة. سيتم التأكيد على أن هذا النهج يهدف إلى تحسين حياة الجميع، وليس فقط فئة معينة.

 أبعد من المسؤولية القانونية: العائد الاقتصادي والاجتماعي للاستثمار في الشمولية. يعرض هذا القسم الأرقام والإحصائيات المقنعة من الحالة الاقتصادية. سيتم ذكر القوة الشرائية الهائلة للأشخاص ذوي الإعاقة والعائد المرتفع على الاستثمار في إتاحة المرافق، مما يصور الشمولية كاستثمار ذكي في مستقبل الأمة.

هـ/ وفي الختام:

إن بناء عالم ميسر للجميع ليس مجرد مشروع هندسي، بل هو استثمار في إنسانيتنا المشتركة. هو إقرار بأن القوة الحقيقية للمجتمع تكمن في قدرته على تمكين كل فرد فيه.

من المنحدر البسيط أمام متجر صغير إلى أنظمة النقل العام المتطورة. كل خطوة نحو الشمولية هي خطوة نحو مستقبل أكثر عدلاً وازدهاراً، بل كمنصات لإطلاق الطاقات البشرية الكامنة فينا جميعاً.

 شاركنا رأيك في التعليقات: ما هي أهم خطوة يمكن أن تتخذها مدينتك لتكون أكثر شمولية للجميع؟

اقرأ ايضا: إستراتيجيات شاملة لمكافحة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالإعاقة

هل لديك استفسار أو رأي؟
يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

منصة دوراتك استخدم كود وطن واحصل على خصم اضافي35% بمناسبة اليوم الوطني صالح حتى نهاية سبتمبر

نموذج الاتصال