كيف تحافظ على صحة نظرك وسمعك مع التقدم في العمر؟

كيف تحافظ على صحة نظرك وسمعك مع التقدم في العمر؟

وعي العمر المتقدم:

فهم التغيير: لماذا تتأثر حواسنا مع تقدم العمر؟

يُعد التدهور الحسي المرتبط بالعمر ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، تؤثر على جودة حياة الملايين حول العالم. إن فهم الآليات البيولوجية والإحصائيات المرتبطة بضعف السمع والبصر لا يمثل مجرد تمرين أكاديمي، بل هو خطوة أساسية نحو تمكين الأفراد من اتخاذ تدابير وقائية وإدارية فعالة.
كيف تحافظ على صحة نظرك وسمعك مع التقدم في العمر؟
كيف تحافظ على صحة نظرك وسمعك مع التقدم في العمر؟

حجم التحدي: منظور عالمي:

تُظهر البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO) أن فقدان السمع وضعف البصر يمثلان تحديًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لا سيما بين كبار السن. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 25% من الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا يعانون من فقدان السمع المسبب للإعاقة.

كيف يحدث فقدان البصر مع التقدم في العمر: من قصر البصر الشيخوخي إلى أكثر الأمراض شيوعًا.

التغيير الأكثر شيوعًا هو قصر البصر الشيخوخي (Presbyopia)، وهو فقدان تدريجي لقدرة العين على التركيز على الأشياء القريبة.

 إعتام عدسة العين (الساد أو المياه البيضاء): وهو تغيم تدريجي لعدسة العين، مما يؤدي إلى رؤية ضبابية أو باهتة، وزيادة الحساسية للوهج.

كما يعتبر الساد شائعًا جدًا مع تقدم العمر ويمكن علاجه بفعالية من خلال جراحة بسيطة لاستبدال العدسة المعتمة بأخرى اصطناعية.  

  • الجلوكوما (المياه الزرقاء): هي مجموعة من الأمراض التي تتلف العصب البصري، وغالبًا ما تكون مرتبطة بارتفاع ضغط العين.
  • كما تُعرف الجلوكوما بـ "سارق البصر الصامت" لأنها تتطور غالبًا دون أعراض واضحة في مراحلها المبكرة، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للرؤية المحيطية، وهذا يؤكد الأهمية القصوى للفحوصات الدورية للكشف المبكر.  

اقرأ ايضا : دور الحيوانات الأليفة في تحسين صحة وسعادة كبار السن

الارتباط الجهازي: حواسك كمقياس للصحة العامة:

  • داء السكري وارتفاع ضغط الدم: يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية الدقيقة في جميع أنحاء الجسم.
    الصحة الحسية وصحة القلب: العلاقة بينهما أعمق مما كان يُعتقد سابقًا. فقد كشفت دراسة حديثة أن الأفراد الذين يعانون من ضعف في السمع والبصر معًا لديهم احتمالية أعلى بنسبة 35% للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

  • أ/ درع الوقاية: عادات يومية لحماية بصرك وسمعك:

إن الحفاظ على صحة النظر والسمع لا يعتمد على تدخلات طبية كبيرة فحسب، بل يتأسس على مجموعة من العادات اليومية الصغيرة والمتسقة التي تشكل مجتمعة درعًا واقيًا ضد التدهور المرتبط بالعمر والعوامل البيئية الضارة. إن تبني هذه الممارسات ليس مجرد توصية، بل هو ضرورة في بيئتنا الحديثة التي تشكل تحديًا مستمرًا لحواسنا.

حماية بصرك: قائمة تحقق يومية

تتطلب العيون، نوافذنا على العالم، حماية استباقية من التهديدات اليومية، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان.

  • الحماية من أشعة الشمس: تعد الأشعة فوق البنفسجية (UV) أحد أكبر الأعداء لصحة العين، حيث تساهم بشكل مباشر في تطور إعتام عدسة العين والتنكس البقعي.
  • إن الحماية ليست رفاهية صيفية، بل هي ضرورة على مدار العام. يُنصح بارتداء نظارات شمسية عالية الجودة تمنع 100% من الأشعة فوق البنفسجية (UVA و UVB)، بالإضافة إلى قبعة عريضة الحواف عند قضاء فترات طويلة في الخارج، حتى في الأيام الغائمة.  

حماية سمعك: إتقان بيئتك الصوتية:

التحكم في مستوى الصوت: هذا هو الإجراء الوقائي الأكثر أهمية. يجب التعامل مع أجهزة الصوت الشخصية بحذر. يُنصح بتطبيق "قاعدة 60/60": الاستماع بمستوى صوت لا يزيد عن 60% من الحد الأقصى، لمدة لا تتجاوز 60 دقيقة في المرة الواحدة، ثم أخذ استراحة. إذا كان الشخص بجانبك يستطيع سماع ما تستمع إليه في سماعاتك، فهذا يعني أن مستوى الصوت مرتفع جدًا.  

استخدام حماية السمع: في البيئات الصاخبة التي لا يمكن تجنبها، مثل الحفلات الموسيقية، الفعاليات الرياضية، استخدام الأدوات الكهربائية، أو جز العشب،  من الضروري استخدام سدادات الأذن أو واقيات الأذن (earmuffs). الصحة التأسيسية: الركائز الداعمة لحواسك:

اعتناق النشاط البدني: تعمل التمارين الرياضية المنتظمة، مثل المشي السريع أو السباحة أو ركوب الدراجات، على تحسين الدورة الدموية في جميع أنحاء الجسم

إدارة الحالات المزمنة: كما ذكرنا سابقًا، فإن أمراضًا مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري هي من الأسباب الرئيسية لتدهور الحواس.

إعطاء الأولوية للنوم وإدارة التوتر: النوم الجيد (7-8 ساعات في الليلة) ضروري لعمليات الإصلاح والتجديد في الجسم، بما في ذلك الجهاز العصبي المركزي الذي يعالج الإشارات السمعية والبصرية.

ب/  وقود الحواس:إستراتيجيات التغذية لصحة العين والأذن:

نظام غذائي معزز للبصر: العناصر الغذائية والأطعمة الرئيسية:

تتعرض العين بشكل خاص للإجهاد التأكسدي بسبب تعرضها المستمر للضوء. لذلك، فإن مضادات الأكسدة والعناصر الغذائية الأخرى تلعب دورًا وقائيًا حاسمًا.

مضادات الأكسدة (فيتامينات C و E، واللوتين، والزياكسانثين): تعمل هذه الجزيئات كخط دفاع أول ضد الجذور الحرة الضارة التي يمكن أن تتلف شبكية العين والعدسة.

اللوتين والزياكسانثين: هي كاروتينات تتراكم في البقعة الشبكية، حيث تعمل كمرشح طبيعي للضوء الأزرق الضار.
فيتامين C: مضاد أكسدة قوي يساهم في صحة الأوعية الدموية في العين وقد يقلل من خطر الإصابة بإعتام عدسة العين والتنكس البقعي.

فيتامين E: يحمي خلايا العين من التلف التأكسدي. يوجد في المكسرات مثل اللوز، والبذور مثل بذور عباد الشمس، والزيوت النباتية.  

أحماض أوميغا 3 الدهنية: هذه الدهون الصحية ضرورية للحفاظ على بنية ووظيفة أغشية خلايا الشبكية.
علاج جفاف العين يتم عبر تعزيز كفاءة الغدد الدهنية الموجودة في الجفون، مما يساعد على ترطيب العين بشكل طبيعي

المصادر: الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والسردين، بالإضافة إلى المصادر النباتية مثل بذور الكتان وبذور الشيا والجوز.  

فيتامين A والبيتا كاروتين: فيتامين A هو مكون أساسي لبروتين الرودوبسين، وهو جزيء يمتص الضوء في شبكية العين ويدعم الرؤية في الإضاءة المنخفضة (الرؤية الليلية).

المصادر: الجزر، البطاطا الحلوة، الخضروات الورقية، صفار البيض، ومنتجات الألبان.  

الزنك: معدن حيوي يلعب دورًا مزدوجًا: فهو يساعد على نقل فيتامين A من الكبد إلى شبكية العين، وهو ضروري لإنتاج الميلانين، الصبغة الواقية في العين.

المصادر: المحار، اللحوم الحمراء، الدواجن، الفول، المكسرات، ومنتجات الألبان.  

نظام غذائي داعم للسمع: المعادن والفيتامينات الأساسية:

  • البوتاسيوم: هذا المعدن ضروري لتنظيم السوائل في أنسجة الجسم، بما في ذلك السائل الموجود في الأذن الداخلية (الليمف الداخلي)، والذي يلعب دورًا حاسمًا في عملية السمع.
    • المصادر: الموز، البطاطس، السبانخ، الطماطم، البطيخ، ومنتجات الألبان.  
  • حمض الفوليك: تشير الدراسات إلى أن حمض الفوليك قد يساعد في إبطاء فقدان السمع المرتبط بالعمر. يُعتقد أنه يساهم في تحسين الدورة الدموية في الأذن الداخلية ويدعم عملية التمثيل الغذائي اللازمة لإنتاج الطاقة في الخلايا السمعية.
    • المصادر: الخضروات الورقية الداكنة، البروكلي، الهليون، والبقوليات.  
  • المغنيسيوم: أظهرت الأبحاث أن المغنيسيوم قد يوفر حماية ضد فقدان السمع الناجم عن الضوضاء.
    • المصادر: الفواكه والخضروات مثل الموز والخرشوف، بالإضافة إلى المكسرات والبذور والحبوب الكاملة.  

ج/ حلول الحاضر: أهمية الفحوصات والعلاجات المتاحة:

بينما تشكل الوقاية والعادات الصحية خط الدفاع الأول، فإن الشراكة مع المتخصصين في الرعاية الصحية من خلال الفحوصات المنتظمة واللجوء إلى العلاجات الحديثة عند الحاجة هي الركن الأساسي لإدارة صحة النظر والسمع بفعالية مع تقدم العمر.

 إن أكبر عائق أمام الاستفادة من التطورات الطبية الهائلة ليس محدودية التكنولوجيا، بل هو في كثير من الأحيان الحاجز النفسي المتمثل في الخوف أو الإنكار أو وصمة العار المرتبطة بالشيخوخة.

قوة الاكتشاف المبكر: كيف تجعل الفحوصات المنتظمة حماية لا غنى عنها لصحتك:

  • للبصر: أمراض مثل الجلوكوما واعتلال الشبكية السكري يمكن أن تسبب أضرارًا لا رجعة فيها للعصب البصري والشبكية قبل أن يلاحظ المريض أي أعراض.
  • إنالطريقة الوحيدة لاكتشاف هذه الحالات في وقت مبكر بما يكفي للتدخل الفعال هي من خلال فحص العين الشامل والمنتظم الذي يتضمن توسيع حدقة العين لفحص الشبكية والعصب البصري بدقة.
  • كما يوصى عمومًا بإجراء فحص أساسي شامل في سن الأربعين، مع زيادة وتيرة الفحوصات بعد سن الستين، أو في وقت أبكر للأشخاص الذين لديهم عوامل خطر مثل تاريخ عائلي للمرض أو الإصابة بالسكري.  

العلاجات الحديثة لحالات البصر:

العدسات التصحيحية: تظل النظارات والعدسات اللاصقة هي خط الدفاع الأول والأكثر أمانًا لتصحيح الأخطاء الانكسارية مثل قصر البصر الشيخوخي.

كما تتوفر اليوم خيارات متقدمة مثل النظارات ثنائية البؤرة (bifocals) والعدسات التقدمية (progressives) التي توفر رؤية واضحة للمسافات القريبة والبعيدة دون خطوط مرئية.  

التدخلات الجراحية:

جراحة إعتام عدسة العين: هي واحدة من أكثر العمليات الجراحية نجاحًا وأمانًا في العالم.

جراحة الليزر الانكسارية (الليزك، PRK): تُستخدم هذه التقنيات لإعادة تشكيل القرنية وتصحيح قصر النظر وطول النظر والاستجماتيزم.

علاجات التنكس البقعي وأمراض الشبكية: بالنسبة للنوع الرطب من التنكس البقعي، أحدثت الأدوية التي تُحقن في العين (مضادات عامل نمو بطانة الأوعية الدموية) ثورة في العلاج، حيث يمكنها إيقاف نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية والحفاظ على الرؤية.

د/ وفي الختام:

إن الحفاظ على البصر والسمع مع التقدم في العمر ليس مجرد مسألة طبية، بل هو استثمار شامل في جودة الحياة والاستقلالية والرفاه النفسي والاجتماعي.

إن دمج العادات اليومية البسيطة من التغذية السليمة والحماية من المؤثرات الضارة، إلى النشاط البدني والفحوصات الدورية يشكل درعًا واقيًا يمكنه أن يبطئ من مسار التدهور الحسي ويساعدنا على الاستمرار في التواصل والتفاعل مع البيئة والأشخاص من حولنا.
اقرأ ايضا : كيف تتعامل مع آلام المفاصل والتهابها في مرحلة الشيخوخة؟ دليلك الشامل لحياة أكثر نشاطًا
هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

منصة دوراتك استخدم كود D1 واحصل على خصم اضافي15%

نموذج الاتصال