"لا شيء عنا بدوننا": أهمية مشاركة ذوي الإعاقة في صنع القرارات التي تخصهم
:إنسان مختلف... بذات القوة
حقوق ذوي الاعاقة:
هل تخيلت يوماً أن تُتخذ قرارات مصيرية تخص حياتك دون أن يُستشار رأيك؟ أن تُصاغ سياسات وبرامج تؤثر على يومك ومستقبلك، بينما صوتك غائب تماماً عن طاولة النقاش؟ هذا هو الواقع الذي سعى شعار "لا شيء عنا بدوننا" لتغييره، ليصبح صرخة مدوية تطالب بالعدالة والمساواة لذوي الإعاقة حول العالم.
يغوص هذا المقال في أعماق هذا الشعار التاريخي، ويكشف عن أهمية مشاركة ذوي الإعاقة الفاعلة في كل قرار يمس حياتهم. من السياسات الحكومية إلى التصميم الحضري، ومن فرص العمل إلى التعليم، إنها دعوة لتمكين إنسان مختلف بذات القوة ليكون شريكاً كاملاً في بناء مجتمع أكثر عدلاً وشمولية.
![]() |
لا شيء عنا بدوننا أهمية مشاركة ذوي الإعاقة في صنع القرارات التي تخصهم |
أ/لا شيء عنا بدوننا( جذور شعار يغير العالم):
الشعار "لا شيء عنا بدوننا" (باللاتينية: Nihil de nobis, sine nobis) ليس مجرد عبارة عابرة، بل هو مبدأ عميق الجذور يعود إلى القرن السادس عشر في بولندا. في عام 1505، تبنى البرلمان البولندي (السيم) دستور "Nihil novi" الذي يعني
"لا شيء جديد"، والذي نقل السلطة التشريعية من الملك إلى البرلمان، مؤكداً على أن لا قوانين جديدة تُسن دون موافقة النبلاء. هذا المبدأ رسخ فكرة أن المتأثرين بالقرارات يجب أن يكونوا جزءاً من صنعها. هذا التطور التاريخي يدل على أن مبدأ تقرير المصير والمشاركة في الحكم ليس حديثاً، بل يمتد عبر قرون، وقد بدأ كآلية لتمكين طبقة اجتماعية معينة من المشاركة في السلطة.
في تسعينيات القرن الماضي، تبنى نشطاء حقوق ذوي الإعاقة هذا الشعار القوي. يذكر جيمس آي. تشارلتون أنه سمعه لأول مرة في جنوب أفريقيا عام 1993 من قادة منظمة "معاقو جنوب أفريقيا"، مايكل ماسوثا وويليام رولاند، اللذين سمعا به في مؤتمر دولي لحقوق ذوي الإعاقة في أوروبا الشرقية.
انتشر هذا الشعار بسرعة ليجسد فكرة محورية: أن الأشخاص ذوي الإعاقة أقدر من غيرهم على تحديد ما يناسبهم، ويجب أن تُمنح لهم حرية اتخاذ القرار في شؤونهم الحياتية. هذا التحول في استخدام الشعار من سياق سياسي تاريخي إلى حركة اجتماعية عالمية يبرز مرونة وقوة المفهوم الأساسي للمشاركة، وكيف يمكن لمبادئ الحكم الرشيد أن تُعاد صياغتها لتخدم قضايا العدالة الاجتماعية.
لقد كان لهذا الشعار تأثير عالمي كبير على حقوق ذوي الإعاقة. أحدث هذا المبدأ تأثيرًا مباشرًا على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (UNCRPD)، التي تم اعتمادها رسميًا في عام 2006.
هذه الاتفاقية، التي صدقت عليها كندا و183 دولة أخرى، تؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العيش دون تمييز، والتمتع بفرص متساوية في التعليم والعمل والصحة، وتدعم استقلاليتهم وحريتهم في اتخاذ خياراتهم الخاصة.
كماأن الجانب الفريد في هذه الاتفاقية هو أن الأفراد ذوي الإعاقة ومنظماتهم حول العالم شاركوا فعليًا في إعدادها من خلال الحوار والمفاوضات والكتابة، تأكيدًا لاحترام أصواتهم وتمثيلهم الحقيقي.
"لا شيء عنا بدوننا". هذه المشاركة الفعالة في صياغة الاتفاقية ذاتها تمثل نموذجاً يحتذى به في كيفية صياغة السياسات والتشريعات التي تؤثر على مجموعة معينة، من خلال إشراكهم بشكل مباشر في العملية.
الشعار ليس مجرد عبارة جذابة، بل هو دعوة مستمرة للعمل. يتطلب تحقيق الإدماج الحقيقي دعماً مستمراً وعملاً جماعياً بين الحكومات ومنظمات ذوي الإعاقة والمجتمع ككل للتغلب على العقبات. هذا التأثير المستمر للشعار يؤكد على أن الحقوق لا تُمنح فقط، بل يجب النضال من أجلها وتطبيقها بصفة مستمرة.
ب / إنسان مختلف... بذات القوة: أبعاد المشاركة الشاملة:
إن إدماج ذوي الإعاقة في نسيج المجتمع ليس مجرد بادرة إنسانية أو فعل خيري، بل هو ركيزة أساسية لمجتمع يزدهر بالتنوع والعدالة. إنهم أفراد يمتلكون قدرات فريدة، ووجهات نظر ثرية، ومساهمات لا تقدر بثمن، تستدعي مشاركتهم الفاعلة في كل جانب من جوانب الحياة.
هذا التحول في النظرة إلى الإعاقة، من كونها عجزاً يتطلب الرعاية إلى كونها اختلافاً يثري المجتمع ويجب تمكينه، هو جوهر المفهوم الحديث للدمج الشامل.
المشاركة السياسية: صوتٌ يحدد المستقبل
إن حصر المشاركة السياسية لذوي الإعاقة في حق التصويت فقط هو نظرة ضيقة ومحدودة لهذا الحق. المشاركة الحقيقية، التي يكفلها الدستور والاتفاقيات الدولية، تتضمن ثلاثة أبعاد رئيسية: ضمان ظروف ممارسة حق التصويت، التمكين من المشاركة داخل الأحزاب، وتعزيز الحق في الترشح والوصول لمناصب القرار. هذا يعني أن مجرد توفير صناديق اقتراع لا يكفي، بل يجب أن تكون العملية السياسية برمتها شاملة ومتاحة.
تؤكد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (UNCRPD) على ضرورة إتاحة الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة للمشاركة بفاعلية في عمليات اتخاذ القرارات بشأن السياسات والبرامج التي تخصهم مباشرة. كما تشدد على تعزيز حقوقهم وكرامتهم، وتشجيع مشاركتهم في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أساس تكافؤ الفرص.
إن القوانين الوطنية أيضاً تضمن حقوقهم في عدم التمييز وتكافؤ الفرص، وتمكينهم من المشاركة في إدارة قضاياهم. على الرغم من هذه الأطر القانونية الدولية والوطنية القوية، يظل هناك فجوة بين الحقوق المنصوص عليها في القانون والواقع المعاش للأشخاص ذوي الإعاقة.
اقرأ أيضا "لست وحدك": أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم
رغم النصوص القانونية، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه المشاركة السياسية لذوي الإعاقة. ففي بعض المناطق، يلاحظ ضعف إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع صنع القرار واللجان، على الرغم من أن ذلك مبدأ أساسي في الاتفاقيات والقوانين.
كما أن هناك معيقات تتعلق بعدم استحضار تنوع الإعاقات عند إثارة إشكالية الولوجيات، حيث يركز غالباً على البنية التحتية للحركيين، متجاهلاً احتياجات الصم (مثل غياب لغة الإشارة في الحملات الانتخابية) والمكفوفين (مثل عدم توفر تقنيات برايل لبطاقات التصويت).
هذا يشير إلى أن مفهوم الوصول يجب أن يتجاوز الحواجز المادية ليشمل الوصول إلى المعلومات والتواصل الفعال بما يتناسب مع مختلف أنواع الإعاقات.
تلعب منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة (DPOs) دوراً حاسماً في التأثير على السياسات الحكومية. إنها تعمل كرقيب وجزء من المجتمع المدني، وتتحمل مسؤولية مراقبة امتثال الحكومات لمعايير حقوق الإنسان الأساسية.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، ساهمت أبحاث من جامعة سيتي سانت جورج في لندن في تشكيل سياسات حكومية تتعلق بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديد أهداف للتدريب المهني، والتأثير على خطط التوظيف الوطنية.
كما تعمل منظمات مثل NACDD على قضايا مثل التصويت الميسر وجمع البيانات الدقيقة عن الإعاقة للتأثير على السياسات. هذه الأمثلة تبرز أهمية الدور الذي تلعبه هذه المنظمات في تحويل الحقوق النظرية إلى واقع ملموس من خلال العمل الدؤوب والمتابعة.
ج / الدمج المجتمعي: بناء جسور التكافؤ:
دمج ذوي الإعاقة يعني تمكينهم من الوصول إلى جميع الخدمات والفرص المجتمعية على قدم المساواة مع الآخرين، ومشاركتهم الكاملة في جميع جوانب الحياة والأنشطة اليومية.
إن تطبيق مبدأ الدمج يرسخ مفاهيم التسامح والاحترام، ويغني المجتمع بتجارب ومساهمات فريدة، ويدعم تمكين ذوي الإعاقة نفسيًا واجتماعيًا، ويساهم في تصحيح المفاهيم السائدة. الإعاقة من عيب إلى اختلاف يثري المجتمع. هذا الفهم الشامل للدمج يؤكد أن الفوائد لا تقتصر على الأفراد ذوي الإعاقة فحسب، بل تمتد لتشمل المجتمع بأكمله، مما يجعله أكثر تنوعاً ومرونة.
يشمل الدمج المجتمعي عدة مجالات حيوية:
التعليم: يجب دمج ذوي الإعاقة في المدارس العادية بدلاً من عزلهم في مدارس خاصة، لمساعدتهم على التفاعل مع أقرانهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والأكاديمية.
يتضمن ذلك إعداد المعلمين جيدًا، وتكييف تصميمات الفصول والبنية التحتية لتلائم احتياجاتهم، واعتماد طرق تدريس مرنة ومتكيفة. هذا النهج يعزز بيئة تعليمية شاملة يستفيد منها جميع الطلاب.
في مجال التوظيف، تُعد إتاحة فرص عمل مناسبة في بيئة ملائمة أمرًا جوهريًا لدعم استقلاليتهم وتمكينهم المهني. ويشمل ذلك تجهيز أماكن العمل بمرافق مناسبة مثل الكراسي المتحركة والممرات المنحدرة، مع تكييف المهام بما يتلاءم مع القدرات الذهنية المختلفة.
بالإضافةإلى أن القوانين تكفل حقهم في العمل والتوظيف دون تمييز، وتلزم بتصميم برامج توظيف وتدريب مهني وتقني. المشاركة الفعالة لذوي الإعاقة في سوق العمل ليست فقط مسؤولية اجتماعية، بل تخلق أثرًا اقتصاديًا إيجابيًا من خلال توسيع قاعدة المستهلكين وتعزيز النمو المحلي.
فيما يخص الأماكن والخدمات، يتطلب الدمج إتاحة الوصول إلى البيئات المادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب خدمات الصحة والتعليم والإعلام والتواصل. يتطلب ذلك بنية تحتية حضرية ميسرة، مثل الأرصفة الواسعة، وإشارات المرور الصوتية، ولافتات برايل، ووسائل النقل العام المجهزة بالمنحدرات والمصاعد.
عندما يتم تصميم البيئات والخدمات لتكون شاملة للجميع (التصميم الشامل)، فإن الفائدة تعم جميع أفراد المجتمع، وليس فقط ذوي الإعاقة. على سبيل المثال، المنحدرات التي تخدم مستخدمي الكراسي المتحركة تفيد أيضاً الآباء الذين يدفعون عربات الأطفال، وكبار السن، والأشخاص الذين يحملون أمتعة ثقيلة.
إن دمج ذوي الإعاقة لا يفيدهم فقط، بل يعزز الاقتصاد المحلي بجذب المزيد من المستهلكين والمنفقين. كما يساهم في بناء مجتمع أكثر إنسانية ورحمة، وهو استثمار حقيقي في مستقبل أفضل للجميع. هذا يؤكد أن الشمولية ليست مجرد خيار أخلاقي، بل هي استراتيجية ذكية للتنمية المجتمعية والاقتصادية.
د / قدراتٌ لا تعرف الحدود: إبداع وتميز:
يجب تغيير الصورة النمطية السائدة عن الإعاقة من كونها عجزاً أو نقصاً إلى كونها اختلافاً يثري المجتمع. يتمتع العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة بمهارات استثنائية، وأحيانًا بقدرات تفوق نظراءهم، كما في حالات التوحد حيث تُلاحظ دقة مذهلة في بعض المجالات.
هذه النظرة الإيجابية تتوافق مع النموذج الاجتماعي للإعاقة، الذي يركز على قدرات الفرد وكيف يمكن للمجتمع أن يتكيف لدعم هذه القدرات بدلاً من التركيز على القيود.
تتعدد مجالات إبداع وتميز ذوي الإعاقة، وتشمل:
الفنون والثقافة: هناك أمثلة بارزة في الأدب والموسيقى مثل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي تحدى فقدان بصره ليصبح أحد أبرز رواد النهضة الفكرية في مصر والعالم العربي.
وكذلك الأديب مصطفى صادق الرافعي، والموسيقار عمار الشريعي، والملحن سيد مكاوي، الذين أثروا المشهد الثقافي العربي بأعمالهم الخالدة، متجاوزين أي تحديات جسدية.
الرياضة: أبطال رياضيون عالميون مثل إبراهيم حمدتو، بطل تنس الطاولة البارالمبي الذي يلعب باستخدام فمه بعد فقدان ذراعيه، والسباح مصطفى إبراهيم خليل، والرباع شريف عثمان، وفاطمة عمر في رفع الأثقال، الذين حققوا ميداليات ذهبية وفضية في بطولات عالمية وبارالمبية. إنجازاتهم تُلهم الملايين وتُبرهن على قوة الإرادة والتصميم.
القيادة والخدمة العامة: من النماذج الملهمة رضا عبد السلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم، وياسين الزغبي الذي جلس بجوار رئيس الجمهورية في مؤتمر الشباب وحصل على تكريم، ومحمد خالد الذي يرفض تسمية إعاقته "إعاقة" إيماناً بأن الإعاقة في العقل فقط. هذه النماذج تظهر القدرة على القيادة والتأثير في أعلى المستويات.
ريادة الأعمال والعمل الحر: يمكن لذوي الإعاقة الانخراط في مشاريع ريادية متنوعة من المنزل، مثل أن يصبحوا متحدثين تحفيزيين، أو يعملوا في التسويق عبر الإنترنت، أو يقدموا الاستشارات.
كما يمكنهم العمل في مجالات مثل الترجمة، الكتابة والتحرير، البرمجة، التصميم، إدارة منصات التواصل الاجتماعي، وصناعة الحرف اليدوية مثل الحياكة والكروشيه والإكسسوارات. هذه الفرص تفتح آفاقاً جديدة للاستقلالية الاقتصادية وتساهم في الاقتصاد الوطني. توضح هذه الأمثلة أن الإعاقة لا تحد من القدرة على الإنجاز والتميز، بل يمكن أن تكون دافعاً للإبداع.
إن الاستثمار في تمكين ذوي الإعاقة من خلال برامج التأهيل المهني والتدريب التي تهدف إلى تأهيلهم لسوق العمل وتزويدهم بالمهارات اللازمة للحصول على فرص وظيفية مناسبة، بما في ذلك دورات في الحاسب الآلي، إدارة الموارد البشرية، التسويق، والسكرتارية، يطلق العنان لإمكانات اقتصادية واجتماعية هائلة. ويُعد هذا نهجًا استراتيجيًا للاستثمار في رأس المال البشري القيم الذي يمثله ذوو الإعاقة داخل المجتمع.
تجاوز التحديات: نحو مستقبل أكثر إشراقًا:
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعترض طريق المشاركة الشاملة لذوي الإعاقة. هذه التحديات ليست منفصلة، بل هي متداخلة وتؤثر بعضها على بعض، مما يخلق نظاماً معقداً من الحواجز.
نقص الوعي والصور النمطية السلبية: يوجد جهل لدى العاملين بأساسيات الاتصال مع ذوي الإعاقة، وعدم كفاية البرامج الإعلامية حول حقوقهم. يستمر وجود الصور النمطية التي تدعم المنهج الرعائي بدلاً من المنهج الحقوقي. هذا النقص في الفهم يؤدي إلى حواجز سلوكية ومؤسسية.
البيئات والمعلومات غير الميسرة: لا تتوفر الاحتياجات الأساسية للعمل في كثير من الأحيان، وهناك ضعف في الولوجيات الشاملة، سواء في مكاتب التصويت، أو الوصول إلى المعلومة، أو مراكز القرار. كما أن توفير وسائل النقل الخاص لا يزال يمثل تحدياً. هذا النقص في البنية التحتية والخدمات الميسرة يحد بشكل كبير من استقلالية ذوي الإعاقة.
ضعف المشاركة في صنع القرار: على الرغم من أن إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع صنع القرار واللجان هو مبدأ أساسي في الاتفاقيات والقوانين، إلا أن المشاركة الفعلية لا تزال ضعيفة في كثير من الأحيان. هذا يشير إلى أن وجود القوانين وحده لا يكفي، بل يتطلب تفعيلاً حقيقياً على أرض الواقع.
نقص التنسيق والتمويل: تعاني بعض المنظمات غير الحكومية من عدم التنسيق الكافي مع الجهات الحكومية، وهناك تحديات تتعلق بتوفير التمويل المستدام لمنظمات ذوي الإعاقة. هذا يؤثر على فعالية البرامج والمبادرات الهادفة للدمج.
تتطلب معالجة هذه التحديات حلولاً عملية وممارسات فضلى تعمل على مستويات متعددة:
تمكين منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة (DPOs) والتعاون معها: يجب إشراك هذه المنظمات في جميع مراحل تخطيط البرامج وتنفيذها ورصدها وتقييمها.
هذه المنظمات، التي يقودها أفراد من ذوي الإعاقة أنفسهم، هي الأقدر على تحديد الاحتياجات الحقيقية وتقديم الحلول الفعالة. يجب أن تكون ممثلة بشكل فعال، وأن تحصل على دعم مالي مستقل للمشاركة في العمليات العامة. هذا الدعم يضمن استقلاليتها وقدرتها على مساءلة الحكومات.
توفير التواصل والمعلومات الميسرة: يجب جعل المعلومات بسيطة ومتكررة، واستخدام التبرعات لتعزيز الرسائل لذوي الإعاقات الذهنية. توفير لغات الإشارة، برايل، الوسائط الصوتية، واللغة البسيطة، والمواد سهلة القراءة أمر ضروري. كما يجب تدريب جميع المشاركين في الاستجابة (مثل العاملين في الرعاية الصحية) على التواصل الفعال مع ذوي الإعاقة.
الولوج الشامل: ضمان أن تكون جميع المرافق والخدمات (مثل محطات غسل اليدين، مرافق الرعاية الصحية، الأماكن العامة، وسائل النقل) ميسرة للجميع. يتضمن ذلك إجراء تدقيقات للوصول، وتوفير وسائل نقل خاصة عند الحاجة. هذا النهج يضمن أن البيئة نفسها لا تشكل حاجزاً.
المناصرة للسياسات والدعم التشريعي: تشريع القوانين التي تدعم ذوي الإعاقات وتضمن لهم حياة كريمة ومستقلة في مختلف المجالات. تكون مشاركة ذوي الإعاقة فعالة من خلال تقديم رؤاهم والمساهمة في صياغة القوانين والسياسات الحكومية المؤثرة في حياتهم..
الوعي والتثقيف: نشر الوعي بقضايا الإعاقة وحقوقهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والندوات واللقاءات التثقيفية، بدءاً من المراحل المبكرة في التعليم. .وهذا بدوره يساعد في تصحيح الصور النمطية السلبية، ويعزز الوعي المجتمعي والدعم الإيجابي تجاههم..
تنمية المهارات ودعم التوظيف: توفير برامج التأهيل المهني والتدريب التي تمكن ذوي الإعاقة من دخول سوق العمل وتلبية متطلباته.
إن معالجة هذه التحديات تتطلب مقاربة شاملة ومتكاملة، لا تقتصر على معالجة المشكلات الظاهرة، بل تمتد إلى معالجة الأسباب الجذرية، مثل تغيير المواقف الاجتماعية وتوفير التمويل المستدام.
هـ / الخاتمة: دعوةٌ للعمل المشترك:
في الختام، يتجلى أن مبدأ "لا شيء عنا بدوننا" ليس مجرد شعار، بل هو دعامة أساسية لمجتمع عادل وشامل. لقد رأينا كيف أن جذوره التاريخية العميقة قد تُرجمت إلى حركة عالمية قوية أثرت في تشريعات دولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
إن مشاركة ذوي الإعاقة في صنع القرارات السياسية، ودمجهم الفاعل في المجتمع، وتسليط الضوء على قدراتهم اللامحدودة، هي خطوات لا غنى عنها لبناء مستقبل أفضل للجميع.
إن التحديات القائمة، من الصور النمطية إلى ضعف الولوجيات، تتطلب جهداً جماعياً ومستمراً. الحلول تكمن في تمكين منظمات ذوي الإعاقة، وتوفير بيئات شاملة، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية أصواتهم وخبراتهم الفريدة.
إن بناء مجتمع يرى في الاختلاف قوة، وفي الإعاقة إمكانية، يبدأ من كل فرد منا. ندعوكم لمشاركة أفكاركم وتجاربكم في قسم التعليقات أدناه. كيف يمكننا معاً أن نضمن أن لا شيء يُصنع عنا بدوننا؟ صوتك يحدث فرقاً. شاركنا رأيك، وكن جزءاً من هذا التغيير الإيجابي.
اقرأ أيضا : الرياضة البارالمبية: قصص أبطال يتحدون المستحيل
هل لديك استفسار أو رأي؟
يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! يمكنك إرسال ملاحظاتك أو أسئلتك عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال البريد الإلكتروني الخاص بنا، وسنكون سعداء بالرد عليك في أقرب وقت.